كارل ماركس

موضوعات عن فورباخ


كتبها كارل ماركس في ربيع عام 1845.
نشرها أنجلس لأول مرة في عام 1888 في ملحق لطبعة منفردة لكتابه « لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية »
يصدر حسب نص طبعة عام 1888 المقارن بمخطوطة ماركس.
تمت الترجمة نقلا عن الألمانية.
التحويل الرقمي: وجدي حمدي (أغسطس 2002)
التحرير الرقمي: علي بطحة (ديسمبر 2022)


- 1 -

إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها – بما فيها مادية فورباخ – هي أن الشيء (Gegenstand) ، الواقع ، الحساسية ، لم تُعرض فيها إلا بشكل موضوع (Objekt) أو بشكل تأمل (Anschauung) ، لا بشكل نشاط إنساني حسيّ ، لا بشكل تجربة ، لا من وجهة النظر الذاتية . ونجم عن ذلك أن الجانب العملي ، بخلاف المادية ، إنما طورته المثالية ، ولكن فقط بشكل تجريدي ، لأن المثالية لا تعرف ، بطبيعة الحال ، النشاط الواقعي الحسي كما هو في الأصل . وفورباخ يريد الموضوعات الحسية التي تتميز في الحقيقة عن الموضوعات الفكرية ، ولكنه لا ينظر إلى النشاط الإنساني نفسه بوصفه نشاطا واقعيا (gegenstandliche) . ولهذا لم يعتبر في كتابه « جوهر المسيحية » شيئا إنسانيا حقا إلا النشاط النظري ، في حين أنه لم ينظر إلى النشاط العملي ولم يحدده إلا من حيث شكله التجاري الوسخ . ولهذا ، لا يدرك أهمية النشاط « الثوري » ، « النقدي–العملي » .

 

- 2 -

إن معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية (gegenstandliche) ليست مطلقا قضية نظرية ، إنما هي قضية عملية ؛ ففي النشاط العملي ينبغي على الإنسان أن يثبت الحقيقة ، أي واقعية و قوة تفكيره ووجود (Diesseitigkeit) هذا التفكير في عالمنا هذا . والنقاش حول واقعية أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي إنما هو قضية كلامية بحتة .

 

- 3 -

إن النظرية المادية التي تقر بأن الناس هم نتاج الظروف والتربية ، وبالتالي بأن الناس الذين تغيروا هم نتاج ظروف أخرى وتربية متغيرة ، – هذه النظرية تنسى أن الناس هم الذين يغيرون الظروف وأن المربي هو نفسه بحاجة للتربية . ولهذا فهي تصل بالضرورة إلى تقسيم المجتمع قسمين أحدهما فوق المجتمع ( عند روبرت أوين مثلا ) .

إن اتفاق تبدل الظروف والنشاط الإنساني لا يمكن بحثه وفهمه فهما عقلانيا إلا بوصفه عملا ثوريا .

 

- 4 -

إن فورباخ ينطلق من واقع أن الدين يُبعد الإنسان عن نفسه ، ويشطر العالم إلى عالم ديني موهوم وعالم واقعي . وعمله ينحصر في جر العالم الديني إلى قاعدته الأرضية . وهو لا يرى أنه متى انتهى هذا العمل ، يبقى الشيء الرئيسي غير منجز . والواقع أن القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها وتنقل نفسها إلى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا . لا يمكن تفسيره إلا بالنزعات والتناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية . يجب إذن ، أولا ، فهم هذه الأخيرة في تناقضها ، وبعد ذاك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض . وعليه ، حين يكتشف ، مثلا ، سر العائلة المقدسة في العائلة الأرضية ، يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا وتحويلها ثوريا بشكل عملي .

 

- 5 -

إن فورباخ الذي لا يرضيه التفكير المجرد يستنجد بالتأمل الحسي ؛ ولكنه لا يعتبر الحساسية نشاطا عمليا للحواس الإنسانية .

 

- 6 -

إن فورباخ يُذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني . ولكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل . فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة .

إن فورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن إلى :

1– أن يتجرد عن سير التاريخ وأن يعتبر الشعور الديني (gernut) في ذاته ، مفترضا وجود فرد إنساني مجرد منعزل ؛

2– أن يعتبر ، بالتالي ، الجوهر الإنساني فقط بوصفه « نوعا » ، تعميما داخليا أخرس ، يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة .

 

- 7 -

ونتيجة لذلك لا يرى فورباخ أن « الشعور الديني » هو نفسه نتاج اجتماعي وأن الفرد المجرد الذي يحلله يرجع في الحقيقة إلى شكل اجتماعي معين .

 

- 8 -

إن الحياة الاجتماعية هي بالأساس حياة عملية . وكل الأسرار الخفية التي تجر النظرية نحو الصوفية ، تجد حلولها العقلانية في نشاط الإنسان العملي وفي فهم هذا النشاط .

 

- 9 -

إن الذروة التي بلغتها المادية التأملية ، أي المادية التي لا تعتبر الحساسية نشاطا عمليا إنما هي تأمل أفراد منعزلين في « المجتمع المدني » .

 

- 10 -

إن وجهة نظر المادية القديمة هي المجتمع « المدني » ؛ ووجهة نظر المادية الجديدة هي المجتمع البشري أو البشرية التي تتسم بطابع اجتماعي .

 

- 11 -

إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة ولكن المهمة تتقوم في تغييره .

 


أرشيف ماركس وانجلز