مقدمة الطبعة الألمانية الأولى
                                         بقلم فريديريك انجلز

صدر هذا الكتاب في شتاء سنة 1846–1847 لما استطاع ماركس أن يوضح نظريته الجديدة في الاقتصاد والتاريخ وكان كتاب برودون « منهاج التناقضات الاقتصادية أو فلسفة البؤس » قد ظهر مما أتاح الفرصة لبرودون أن يشغل المركز الرئيسي بين الاشتراكيين الفرنسيين. وفي نفس الوقت أتاح الفرصة لانتقادات ماركس ومعارضته لآراء برودون. لقد عاش هذان المفكران في باريس وقضيا الليالي يتناقشان في المسائل الاقتصادية. ومن ذلك الوقت أصبح مؤكدا أنهما يختلفان اختلافا جذريا، وأصبح كتاب برودون برهانا على درجة اختلافهما، ولذلك لم يكن بالإمكان تجاهل هذا الخلاف. وهكذا نرى ماركس يعمل على إجابة خصمه برودون.

نستطيع أن نجد خلاصة تفكير ماركس في مقالته المنشورة في آخر الكتاب والتي ظهرت في المجلة الديمقراطية الاشتراكية Sozialdemokrat في الأعداد 16 و17 و18 سنة 1865. وكانت هذه المقالة هي الوحيدة التي كتبها ماركس في تلك المجلة لأن محاولات Herr von Schweidzer لكي يجعل المقالة تظهر بشكل معارضة فاضحة للإقطاع ولأعمال الكومة، جعلتنا نقطع صلاتنا مع المجلة بعد عدة أسابيع.

يتضمن هذا الكتاب مغزى عظيما للشعب الألماني في الوقت الحاضر وباستطاعة الشعب الألماني أن يعرف كيف وجّه ماركس ضربته القاضية لبرودون وفي نفس الوقت كاد يقضي على رودبروتس Rodbertus الذي يُعد ضمن المفكرين اليوم والذي كان ماركس لا يزال يجهله.

ولا يهمني هنا أن أوضح علاقة ماركس ورودبرتوس لأنني سأتكلم عن هذا الموضوع عندما تتاح لي الفرصة. ويكفيني أن ألاحظ هنا أن رودبرتوس يتهم ماركس بمعاملته القاسية وأنه تصرف في كتاب رأس المال دون أن يأخذ عن كتابه Zur erlenntnis الخ. وعلاوة على هذا فإن رودبرتوس يسمح لنفسه أن يهاجم عبقرية ماركس التي لم يفهمها لأنه كان يجهل القضايا التي تحدث خارج بروسيا، خاصة جهله للعلوم الاقتصادية والاشتراكية. إن ماركس لم يعر انتباها لتهجمات رودبرتوس، وكان كل ما علق في ذهنه عنه رسائل الاشتراكية الثلاث Sozial briefe وحتى أنه لم يقرأها قبل سنة 1858 أو سنة 1859.

يؤكد رودبرتوس في هذه الرسائل أنه اكتشف « نظرية القيمة » قبل برودون نفسه. وهنا نجده يخدع نفسه بأنه أول من اكتشف هذه النظرية. وعلى أي حال أراني انتقده في كتابي الآن وهذا ما يجعلني أعمل على نقد كتابه الصغير « بحث لمعرفة أحوال اقتصادنا القومي » Contribution to the Knowledge of our national economy الذي ظهر سنة 1842، طالما أن نقد هذا الكتاب يقود إلى نقد برودون ونقد شيوعية ويتلنغ Weitling الواردة فيه.

إن الاشتراكية الحاضرة تأثرت وانطلقت عن الاقتصاد السياسي البرجوازي، ولذلك فهي تتعلق وتتأثر بنظرية القيمة لريكاردو Ricardo. فالافتراضان اللذان قال بهما ريكاردو سنة 1817 في كتاب « المبادئ » Principles يمكن اختصارهما كما يأتي: 1 – أن قيمة أية سلعة تتوقف على كمية العمل المطلوب لإنتاجها. 2 – أن نتاج ومجموع العمل الجماعي يقسم بين الطبقات الثلاث: طبقة الملاكين الذين يمثلون الريع Rent، وطبقة الرأسماليين الذين يمثلون الربح Profit، وطبقة العمال الذين يمثلون الأجور Wages.

وقد اعتمد الانكليز هذين الافتراضين منذ 1821 واستعملوهما لتحقيق أهدافهم الاشتراكية. والواقع أن كتابات ريكاردو بقيت ذات أثر فعال حتى ظهور كتاب رأس المال Capital لماركس الذي فاق نظريات ريكاردو وجعلها في عالم النسيان. فإذا كان رودبرتوس اعتمد سنة 1842 على هذه النظريات واستخلص منها نتائجه الاشتراكية فإن هذا العمل كان خطوة جيدة لألمانيا في ذلك الوقت، ولكن كان لألمانيا وحدها أن تفتخر أن هذه النظريات كانت من إبداعها وحقها. والواقع أن نظرية ريكاردو لم تكن جديدة بل أن ماركس هو الذي أثبتها عندما نقد برودون الذي أصابها نفس الكبرياء الذي أصاب رودبرتوس.

« إن أي شخص يراقب تطور الاقتصاد السياسي في انكلترا يعلم أن معظم الاشتراكيين في هذه البلاد، في أوقات مختلفة، استعرضوا وبحثوا تطبيق نظرية ريكاردو في تعادل القيمة وهذا يعني أنه ليس ريكاردو هو الذي حقق هذه النظرية بل أن ماركس هو الذي خلقها وأثبتها ». هذا ما نستطيع أن نقوله لبرودون عن كتاب هودسكن Hodgskin (الاقتصاد السياسي) سنة 1827. وعن كتاب ويليام ثوميسون William Thompson « بحث في مبادئ توزيع الثروة وكيفية جعلها صالحة لخدمة الإنسانية وسعادته » سنة 1842. وعن كتاب أدمونز T. R. Edmonds « الأخلاق العلمية والاقتصاد السياسي » سنة 1828، الخ. ويسرنا أن نستمع للسيد جراي Gray وهو شيوعي انكليزي... في كتابه القيم « مساوئ العمل والدواء الناجع لهذه المساوئ » طبع في ليوس سنة 1839 (راجع فصل « الانشقاق العلمي » من هذا الكتاب).

إن الأقوال المكتوبة هنا والتي ترجع لكتاب جراي تضع حدا للإشاعات التي تقول أن رودبرتوس هو الذي سبق وشرح النظرية.

لم يكن ماركس في ذلك الوقت يرتاد غرفة المطالعة في المتحف البريطاني. وقد اكتفى بالاطلاع على مكتبات باريس وبروكسيل وعلى كتبي التي رآها أثناء رحلة قمنا بها في انكلترا سنة 1845 واستغرقت ستة أسابيع، ولذلك لم يطلع في انكلترا إلا على تلك الكتب التي استطاع أن يحصل عليها في مانشستر. فرودبرتوس لم يكن إلا مؤسس الاشتراكية البروسية ولولا ذلك لكان علينا أن ننساه.

وحتى في بلاده الحبيبة بروسيا نجد رودبرتوس لا يهدأ بل يبقى مضطربا. ففي سنة 1859 ظهر في برلين الجزء الأول من كتاب ماركس وعنوانه « نقد الاقتصاد السياسي » ونجد في هذا الكتاب الانتقادات الموجهة للاقتصاديين ومن بينهم ريكاردو الذي انتقده ماركس في الصفحة 40:

« إذا كانت قيمة التبادل لنتاج ما تساوي وقت العمل الذي يتضمنه النتاج، فإن قيمة التبادل ليوم عمل تساوي نتاج ذلك العمل، أي أن الأجرة يجب أن تعادل نتاج العمل، ولكن العكس هو الذي حصل ».

وفي ما يتعلق بهذا البحث نجد الملاحظة التالية:

« إن هذا النقد والاعتراض الموجه لريكاردو من الناحية الاقتصادية قد توجه إليه أيضا من الناحية الاجتماعية. لقد افترض مسبقا صحة القاعدة النظرية، لذلك كان النقد أيضا موجها للمجتمع البورجوازي، وعلى هذا المجتمع أن يتبع ويطبق النتائج المفترضة مسبقا وهي التي توصل إليها ماركس. وبهذه الطريقة، على الأقل، استطاع الاشتراكيون الانكليز أن يوجهوا النقد لنظرية التبادل عند ريكاردو ويجعلوها مناقضة للاقتصاد السياسي ».

وفي نفس الملاحظة نجد تلميحا لكتاب ماركس « بؤس الفلسفة » Poverty of Philosophy الذي كان قد ظهر عند كل بائعي الكتب.

لقد تـُرك المجال الكافي لرودبرتوس أن يقنع نفسه بأن اكتشافاته سنة 1842 لم تكن حقيقية. ولكنه عوضا عن ذلك ظل يعتقد ويقرر بأن اكتشافاته كانت حقيقية وأنه لم يكن باستطاعة ماركس أن يصل للنتائج نفسها التي توصل إليها هو والتي أخذها من ريكاردو. لقد كان هذا مستحيلا. لقد هاجمه ماركس، وهذا الهجوم لم يكن عاملا قويا على تهديم رودبرتوس لأن انكلترا كانت قد هزئت بكل النظريات التي تقول ما يقوله رودبرتوس.

إن أبسط شرح لنظرية ريكاردو هي التي أظهرناها في السطور السابقة. ولقد قادت إلى معرفة أصل وطبيعة فضل القيمة Surplus of Value التي يعتبرها رودبرتوس من نتاجه. والواقع أن رودبرتوس لم يفعل شيئا إلا أنه أخذ من غيره المسائل الاقتصادية كالعمل، ورأس المال، ونظرية القيمة، الخ. وتبناها وصاغها بشكل سخيف. وهكذا لم يقف عند حد معين – كما فعل ماركس الذي كان أول شخص وصل لنتيجة أكيدة من جراء دراسته لهذه النظريات – لكن رودبرتوس فتح أمامه الباب الذي يقوده (للطوباوية Utopia).

إن مدلول نظرية ريكاردو بأن الإنتاج الاجتماعي الكلي يخص العمال لأنه من نتاجهم ولأنهم المنتجون الحقيقيون، إن هذا القول يقود مباشرة للشيوعية. لكن، كما يشير ماركس فيما يتعلق بالقول السابق بأنه خطأ من الناحية الاقتصادية، لأن هذا القول يؤدي إلى تطبيق الأخلاق في حقل الاقتصاد. ونجد بالنسبة لقوانين الاقتصاد البورجوازي أن القسم الأكبر من الإنتاج لا يخص العمال الذين أنتجوه. وإذا قلنا الآن: « هذا ليس عدل »، « يجب أن لا يكون هكذ ». فإنما يصبح هذا القول متعلقا بالأخلاق لا بالاقتصاد. ونحن نقول أن هذه الحقيقة الاقتصادية تناقض الشعور الأخلاقي. فماركس لم يُـقم مطاليبه الشيوعية على هذا الزعم بل أقامها على تقلص نظام الإنتاج الرأسمالي المؤكد. هذا التقلص الذي لم يحدث أمام عيوننا ! وهو يقول إن فائض القيمة يعني العمل غير المدفوع لقاؤه الذي هو حقيقة واضحة. ولكن الشيء الذي يمكن أن يكون خطأ من وجهة نظر الاقتصاد قد يكون صحيحا من وجهة نظر التاريخ. فإذا كان الوعي الأخلاقي عند الجماعة يعلن أن حقيقة اقتصادية هي غير عادلة – كما حدث في قضية العبودية أو عبودية العمل – فإن هذا التصريح يكون برهانا على أن هذه الحقيقة ذاتها قد قضي عليها: ويعني أن حقائق اقتصادية أخرى قد ظهرت وطبقت على الحقيقة الأولى. فنرى إذن ظهور كل حقيقة جديدة يكمن وراء خطأ الحقيقة الاقتصادية السابقة لتقضي عليها. وهنا لا يسعنا المجال أن نبحث بعمق معنى وتاريخ نظرية القيمة.

نستطيع أن نستنتج نتائج أخرى غير التي استنتجت، من نظرية القيمة لريكاردو. إن قيمة السلع تتحدد وتقوم على العمل المطلوب لإنتاجها. ونجد في هذا العالم الشرير أن السلع تباع بعض الأحيان بقيمة أعلى بالنسبة للعمال، وبعض الأحيان بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية، وفي الواقع لا يكون هذا التغيير نتيجة لتغيير نسبة المنافسة. لقد أصبحت نسبة الربح تطغى على فكر الرأسماليين لتكون متساوية ومرتفعة، كما أنها أصبحت فكرة تخفيض أسعار السلع لتساوي قيمة إنتاجها بطريقة العرض والطلب. ولكن نسبة الربح أخذت تـُحسب على أساس الرأسمال الكلي الموظف في مشروع صناعي. يمكن أن نجد أن الإنتاج السنوي في فرعين مختلفين لصناعة ما، يتطلب كميات متساوية من العمل ويمكن أن يمثل قيما متساوية في الفرعين ويمكن أن تكون الأجور عالية في الفرعين. بنما نرى أن الرأسمال الموظف في الفرع الأول ضعفا أو ثلاثة أضعاف الرأسمال الموظف في الفرع الثاني. وكنتيجة لهذا نجد أن قانون القيمة في نظرية ريكاردو – كما اكتشف ريكاردو نفسه – يناقض قانون التساوي في الأرباح. فإذا كانت منتوجات كلا الفرعين تباع بقيمتها فإن نسب الأرباح لا تكون متساوية، وإذا كانت نسب الأرباح متساوية، فحينئذ نرى أن منتوجات الصناعيين لا يمكن أن تباع بقيمتها. وهكذا يحصل عندنا تناقض – هذا التناقض في قانون اقتصاديين – الذي يعده ريكاردو كقاعدة لتحقيق نسبة الأرباح على حساب القيمة.

لكن تحديد ريكاردو للقيمة – رغم أوصافها المطلقة – بأنها مطلقة، يجعلها عزيزة على قلوب البورجوازيين. إنها تدعو للعدالة لأنها صادرة عن شعوره بالعدالة. وحقوق العدالة والمساواة إنما هي الأعمدة الأساسية التي يريد بورجوازيو القرن الثامن عشر والتاسع عشر أن يقيموا بموجبها بنيانهم الاجتماعي على ضرائب الظلم الإقطاعي وعلى نظرية عدم المساواة ومنح الامتيازات جزافا. لقد برهن ماركس أن القواعد الأساسية التي تبنى عليها سياسة وفلسفة وتشريع ومثالية البورجوازية تقوم على تحديد قيمة السلع بالنسبة للعمل المطلوب لإنتاجها وعلى التبادل الحر لمنتوجات العمل، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار مقياس القيمة بين أصحاب السلع الذين يريدون حقوقا متساوية. فلو قررنا، ولو مرة واحدة، أن العمل هو قياس قيمة السلعة، نجد أن البورجوازي قد جرح في الصميم وأخذ يعتبر العالم شرا وفسادا لأن هذه القاعدة التي تدعو لتطبيق العدل والمساواة تقوم مانعا وعقبة أمام أعماله الفاسدة. ويرى البورجوازي – وخاصة ذلك الذي يعتمد في « عمله الشريف » على شغيلته وأصحاب المهن عنده – أن عمله يتقلص من جراء المنافسة التي يفرضها الإنتاج الضخم وتقدم الآلة. إن هذا المنتج الصغير يتوق لمجتمع يجد فيه تبادل المنتوجات يتم بالنسبة لقيمة عملها ويريد أن يتأكد أن هذه القاعدة دائمة وكاملة ولا تتغير. وبكلمة أخرى، يطلب هذا المنتج الصغير الحياة في مجتمع يتغلب عليه قانون إنتاج السلع المعينة، ولكن بما أنه لا يستطيع أن يحقق هذه يجد أن قوانين إنتاج السلع الأخرق تتغلب، وهذه هي قوانين الإنتاج الرأسمالي.

إلى أي حد توصلت هذه الطوباوية Utopia بتأثيرها على فكر البورجوازي الصغير – إن كان هذا التأثير حقيقيا أو خياليا ؟ لقد ظهرت الطوباوية في كتاب جان جراي John Gray سنة 1831، وجربت هذه الطوباوية وبُشر بها في انكلترا في حدود سنة 1830، وظهرت في ألمانيا على يد رودبرتوس ودعاها الحقيقة الأخيرة، وأظهرها برودون في فرنسا سنة 1846، وعاد رودبرتوس سنة 1871 وقال أنها الحل الوحيد للمشاكل الاجتماعية، وبقيت الطوباوية تجد محبذين لها سنة 1884 بين أتباع رودبرتوس الذين عملوا على أن ينتقموا من اشتراكية الدولة البروسية.

لقد وجه ماركس انتقادا لهذه الطوباوية وانتقد خاصة برودون وجراي. ولا أستطيع في هذا الكتاب إلا أن أتصدى لبعض الملاحظات والتعليقات والنقد الموجه لرودبرتوس.

وكما قلت سابقا إن رودبرتوس يتبنى المفاهيم الفكرية والخرافية الاقتصادية بالشكل الذي فهمها عندما أخذها عن الاقتصاديين. وهو لا يجهد نفسه أو يحاول على الأقل أن يتقصى معناها ويناقشها ويدرسها. فالقيمة بالنسبة له هي: « تقدير أو إعطاء قيمة لشيء بالنسبة للأشياء الأخرى وبالنسبة للكمية، وقد جعل هذه الفكرة مقياسا للقيمة ». وتعطينا هذه الفكرة بدورها وهذا التحديد أحسن تعبير لتشبيه القيمة، ولكن لا يعطينا شيئا مطلقا عن حقيقة مفهوم القيمة. وبما أن هذا هو كل ما يقدر رودبرتوس أن يقوله بالنسبة للقيمة، فمن المفهوم إذن أنه يفتش عن مقياس للقيمة خارج القيمة ذاتها. وبعد كتابة ثلاثين صفحة نراه يخلط بين قيمة الانتفاع وقيمة التبادل، وبعد بحث مجرد استحسنه هرادولف واغنر Herr Odolf Wagner يستنتج أنه « لا يوجد مقياس حقيقي للقيمة، وعلى الدارس أن يستعيض عن مقياس بمقياس. » وهكذا فالعمل يخدم ويستعمل إذا كانت هناك منتوجات كمية متساوية من العمل المتساوي، وإذا لم تكن المسألة هكذا فيجب أن نضع لها هذا المقياس الافتراضي. وبالنتيجة، يبقى العمل والقيمة بدون أية علاقة ببعضهما، رغم أن الفصل الأول قد خُصص ليعرض علينا أن السلع هي تكاليف وثمن العمل ولا شيء في هذا الفصل سوى العمل، ولكن لماذا نجد كل هذا ؟

لقد أخذ رودبرتوس مفهوم العمل، دون أن يفحصه أو يدقق به عن الاقتصاديين وليس هذا فقط، لكنه بحث العمل كشيء « يكلف » وكشيء يقيس القيمة دون الأخذ بعين الاعتبار تأثير الحالات الاجتماعية. ولم يفكر فيما إذا كان المنتجون يقضون يوما أو عشرة أيام لتحضير المنتوجات التي يمكن تحضيرها في يوم واحد، أو إذا كانوا يستخدمون أحسن الآلات أو أسوأها، أو إذا كانوا يوسعون أوقات العمل في إنتاج الأدوات الضرورية للمجتمع، والكمية التي يحتاجها المجتمع، أو إذا كانوا يصنعون أدوات مرغوبة أو غير مرغوبة بكميات تزيد على الطلب أو تقل عنه – إن رودبرتوس لا يذكر شيئا من هذا، بل يقول إن العمل هو العمل، وإن إنتاج عمل متعادل يجب أن يستبدل بإنتاج عمل متعادل. إن رودبرتوس يبقى مستعدا دوما، إن كان مخطئا أو لم يكن، أن يتبنى صالح الموقف الوطني، ويبقى مستعدا لبحث علاقة المنتجين من وجهة الاعتبارات الاجتماعية، لا نراه يعمل شيئا من هذا. ذلك لأنه، من أول سطر في كتابه، يعمل لكتابة طوباوية العمل النقدي ولأنه يرى أن أية دراسة للعمل كماهية تنتج القيمة، تكون عقبات في طريقه. لقد كانت غريزته أقوالا من فكره المجرد. وهذا يظهر في كتابة رودبرتوس كمثال لغيبوبة المفكر.

إن الانتقال للطوباوية يكون بتلويح اليد « والقياسات » التي تؤكد تبادل السلع بالنسبة لقيمة العمل كقاعدة لا تتغير، لا تسبب أية صعوبات، أما الطوباويون الآخرون الذين يعملون كرودبرتوس – من جراي لبرودون – يحكمون أدمغتهم ليخترعوا المؤسسات الاجتماعية التي تحقق أهدافهم. إنهم يحاولون أن يحلوا المشكلة الاقتصادية بطريقة اقتصادية بواسطة عملية المالكين أنفسهم الذين يملكون السلع المعدة للتبادل. والمسألة بالنسبة لرودبرتوس أسهل بكثير. وكمواطن بروسي صالح يدعو إلى تدخل الدولة: إن قرارا من الدولة القوية يؤدي للإصلاح.

وبهذه الطريقة يتم تشكيل القيمة، ولكن رودبرتوس لم يسبق أحدا غيره بهذا القول – وعلى العكس نرى جراي وبراي Pray قبل رودبرتوس قالا بهذه الفكرة، أي أن رغبتهما كانت إيجاد مقاييس بواسطتها تتبادل السلع في كل وقت من الأوقات بقيمة العمل المتضمن بها.

وبعد أن تضع الدولة مقياس القيمة – على الأقل لبعض المنتوجات لأن رودبرتوس متواضع – فإنها تصدر قسائم العمل النقدي وتقدمها للرأسماليين الصناعيين وحينئذ يدفعون أجور العمال من هذه القسائم، حيث أن العمال يشترون المنتوجات بقسائم العمل النقدي Labour Paper Money التي يتسلمونها، وهكذا يجعلون قسائم العمل تعود إلى نقطة انطلاقها. والآن لنسمع ما يقوله رودبرتوس:

وبالنسبة للحالة الثانية، يكون المقياس الضروري تحقيق القيمة في القسائم، فعندما يسلم الشخص منتوجا أو سلعة يستلم قسيمة، وتسجل على القسيمة كمية العمل المستغرق لإنتاج المنتوج. إن الذي يسلم أو يعطي منتوج عمل يومين يستلم قسيمة مطبوعة « يومان ». وتكتمل الحالة الثانية بمراقبة هذه القاعدة فيما يتعلق بإصدار القسائم. ولكي ينطبق هذا العمل على افتراضاتنا المسبقة فإن القيمة الحقيقية للبضائع تنطبق على كمية العمل الذي يؤلف كلفة الإنتاج وهذه الكمية من العمل تقاس بالتقسيم العادي للوقت، وهكذا فكل شخص يسلم منتوجا يتضمن يومي عمل يستلم شهادة أنه استلم يومين، شهادة توقع له، وهكذا يكون المنتوج معادلا لكمية العمل. وبما أن الشخص الذي يضع منتوجا قيد التداول هو وحده الذي يستلم شهادة، فمن المؤكد أن القيمة المسجلة على القسيمة تعمل لكفاية وسعادة المجتمع. وإننا قدر ما نتصور دائرة تقسيم العمل، فإذا تبعنا هذه القاعدة، فإن مجموع القيمة التي يمكن الحصول عليها يجب أن تكون مساوية تماما لمجموع القيم المعترف بها كشهادة وبما أن مجموع القيم المعترف بها تساوي مجموع القيم المعينة فإن القيم المعينة يحب أن تتوافق مع القيمة الموجودة، وهكذا تحققت جميع المطالب وتحققت أيضا طريقة الدفع وسيولة النقد. (صفحة 166–167).

لا يصل رودبرتوس إلى نتائج في اكتشافاته الجديدة ولكن نراه هذه المرة يبتدع شيئا: لا نرى أحدا من منافسيه يجرؤ أن يعبر عن بلادته وبروده لدى بحثه طوباوية قسائم العمل النقدي في طريقته الطفولية الساذجة. وبما أنه يوجد لكل قسيمة أو شهادة قيمة لشيء مقابل يسلم عوضا عنها، إذ لا تعطي قيمة لشيء إلا مقابل شهادة أو قسيمة، نرى أن مجموع الشهادات أو القسائم يجب أن تـُعطى مقابل مجموع قيمة الأشياء. إن حساب هذه العملية يسير ويعمل دون إبقاء باق، وهكذا لا نعود نحتاج لمحاسب حكومي من جانب الضرائب ولا نعود نجد أخطاء. وماذا نريد أكثر من هذا ؟

نلاحظ في المجتمع الرأسمالي الحاضر أن كل صناعي ينتج على حسابه ما يشاء وكيف يشاء. ويبقى الطلب الاجتماعي عاملا مجهولا له بالنسبة لجودة الصنف وبالنسبة للأشياء المطلوبة وبالنسبة للكمية فالشيء الذي لا يمكن عرضه اليوم بكميات وافرة وكافية يمكن أن يتوفر غدا إذا زاد الطلب. وهكذا يعمل المنتج على إشباع رغبة الطلب بسلع حتى ولو كانت رديئة أو جيدة، وكنتيجة يوجه المنتجون إنتاجهم للبضائع المطلوبة. فكيف نقدر أن نوفق بين هذا التناقض – إذ يقال إن المنافسة هي الدواء. وكيف تقدر المنافسة أن تحل المشكلة ؟ فقط عندما نهمل السلع غير النافعة لحاجات المجتمع، وعندما نجعل المنتجين يشعرون أنهم قد أنتجوا أشياء غير نافعة وبكميات مضرة. عند هذا نصل لنقطتين:

النقطة الأولى، أن الإغراق الدائم لأسعار السلع بالنسبة لقيمتها ضروري لكي تنتج السلع. وفقط بواسطة تذبذبات المنافسة، وبواسطة أسعار السلع، نتأكد من وجود قانون قيمة السلعة المنتجة ونتأكد أن يتحقق تحديد قيمة السلعة بواسطة وقت العمل الضروري اجتماعيا وهكذا نرى أن عرض فكرة القيمة والسعر كقاعدة يصبح لها وجه مختلف عن القيمة الحقيقية التي تظهر بها. وهذا ليس إلا مصيبة لقياس القيمة بأكثرية المفاهيم الاجتماعية. إن الملك يختلف عن المملكة التي يمثلها.. ولكي نرغب في مجتمع مؤلف من المنتجين الذين يتبادلون سلعهم، ولكي نتأكد من تحديد القيمة بوقت العمل، ولكي نمنع المنافسة لنتأكد من تحقيق القيمة بواسطة الضغط على الأسعار بالطريقة التي نقدر أن نعمل بها، إن هذا كله يعني ويبرهن أننا تبنينا الطوباوية واحتقرنا القوانين الاقتصادية.

والنقطة الثانية: إن المنافسة التي تحقق عملية قانون قيمة إنتاج السلعة في مجتمع مؤلف من المنتجين يبادلون سلعهم، تحقق أيضا تنظيم وترتيب الإنتاج الاجتماعي الممكن تقديمه في الأحوال السائدة. وهذا يكون فقط أما بتخفيض أو بزيادة قيمة المنتوجات فيستطيع المنتجون أن يعرفوا أية كمية أو أي صنف يتطلبه المجتمع أو لا يتطلبه. وإذا سألنا عندئذ عن أي ضمان يؤكد لنا الكمية الضرورية وليس أكثر لكل منتوج يجب أن تنتج، وماذا يضمن لنا أننا لن نجوع لقلة اللحم والقمح بينما تكون البطاطا كثيرة، ومن يضمن أنه لن تنقصنا الثياب لنغطي عرينا بينما الأزرار تكون قد أغرقت السوق، إن رودبرتوس يرينا انتصار بحساباته الشهيرة. وهذه الحسابات مؤلفة من القسائم التي تـُسلَّم لكل كيلو سكر تافه ولكل برميل كحول فارغ غير مباع، ولكل زر ثياب عديم النفع، إن هذه الحسابات « صحيحة » تماما – ونستطيع بالنسبة لرودبرتوس إشباع كل المطاليب ونقدر أن نحقق سيولة الإنتاج. وكل واحد لا يعتقد بهذا العمل يقدر أن يحتج إلى محصل الضرائب الحكومي السيد... وهو السيد الذي راقب الحسابات ووجدها صحيحة، وهو السيد الذي لم يقترف إثم غلطة واحدة في حساباته، وهكذا فإن هذا السيد رجل أمين.

والآن لنأخذ بعين الاعتبار سذاجة رودبرتوس واعتقاده أنه يقضي على الأزمات الصناعية والتجارية بواسطة طوباويته. فعندما يصل إنتاج السلع إلى الأسواق العالمية تتم المساواة بين المنتجين الأفراد الذين ينتجون لحسابهم الخاص وبين السوق الذي ينتجون له – والواقع إن هؤلاء المنتجين لا يعرفون هذا السوق جيدا – فعندما تتم هذه المساواة بين هؤلاء المنتجين وبين أسواقهم تنزل بهم أزمة تجارية (1) وإن كنا سنمنع المنافسة الآن لكي نحذر المنتجين الأفراد ولكي ندرك إنتاج السلع بهذه الصورة ولندرك أن المنتجين لا يقدرون أن يعلموا أي شيء عن حالة السوق الذي ينتمون له – إن هذا في الواقع مرض الأزمة الذي جعل الدكتور ايزنبرت Eisanbert يحسد رودبرتوس.

والآن يفهم كل فرد لماذا يحدد رودبرتوس قيمة السلع بواسطة « العمل » ولماذا يقبل درجات مختلفة للعمل. ولكنه لو تعمق ودرس كيف أن العمل يخلق القيمة وكيف يحددها ويكون مقياسا لها، لتوصل إلى العمل الاجتماعي الضروري لإنتاج منتوج واحد بالنسبة للمنتوجات الأخرى من نفس النوع وبالنسبة للطلب الكلي للمجتمع. والاصطدام بالسؤال التالي: كيف يتم التوفيق والتعديل بين منتوجات منتجين لسلع مختلفة لتكفي الطلب الكلي للمجتمع ؟ ولو سأل نفسه هذا السؤال لسقطت طوباويته وتهدمت. ولقد فضل هذه المرة أن يشكل « فكرة مجردة » فقط للأشياء التي تهمة.

وأخيرا نأتي للنقطة التي يقدم بها لنا رودبرتوس شيئا جديدا. وهذا الشيء الجديد يميزه عن باقي الذين يساندون فكرة التبادل الاقتصادي بواسطة القسائم كلهم يطلبون تحقيق هذه المؤسسة التبادلية لأنها – بزعمهم – تلقى استعباد وهضم حقوق رأس المال للأجور. يجب على كل منتج أن يستلم قيمة العمل الكاملة لإنتاجه. إنهم يتفقون على هذا القول – من جراي لبرودون – لكن رودبرتوس يقول، كلا، إن تأخر أجور العمل والاستعباد سيبقيان.

في الدرجة الأولى، لا نجد العامل في أي مجتمع يستلم ويستهلك القيمة الكاملة لإنتاجه. إننا لا نجد شيئا من هذا بل نجد عوامل غير منتجة وأشخاصا لا ينالون إلا نتائج عمل غير منتج. وهذا يتحقق في مجتمع يتبع خطوات فاسدة لتقسيم العمل فالمجتمع الذي لا نجد فيه أن العمل المنتج إجباري – وهذا شيء معقول – نجد أن الأشخاص يصلون فيه لعمل منتج، ولكن حتى في هذه الحالة تبقى الحالة السابقة كما هي لأن العمال كلهم يبقون تحت رحمة العمل وملكا للعمل، ولا ينال كل عامل « الإنتاج الكامل لعمله »، إن الطوباويين لم يبحثوا أبدا بقاء العمال في عمل غير منتج. إنهم يتركون العمال أن يفرضوا ضرائب على أنفسهم بشكل ديموقراطي، بينما رودبرتوس وجه إصلاحه سنة 1842 إلى الدولة البروسية في ذلك الوقت ويضع المسؤولية على فساد الحكم، وبنظره أن أولياء الحكم يجب أن يقرروا حصة العامل في إنتاجه ويجب أن يعملوا لينالوها.

وفي الدرجة الثانية يبقى ريع الأرض والفوائد كما كانت بحالة فساد، لأن الملاكين والرأسماليين الصناعيين يمارسون وظائف ومهمات اجتماعية قوية وضرورية – حتى ولو كانت هذه الوظائف غير منتجة – وهم يستلمون الريع والفوائد كدفع على الحساب – وهذه الفكرة لم تكن جديدة سنة 1842، وهكذا يحصلون الكثير من القليل الذي يعملونه، وهم هكذا يسببون ضررا سريعا، لكن رودبرتوس يحتاج على الأقل لخمسمائة سنة لإبقاء الطبقة الممتازة وهكذا تبقى القيمة الفائضة ولكن لا يسمح لها أن تزداد، إن نسبة الفائض هذه يعتبرها رودبرتوس 200 بالمائة 12 ساعة عمل في النهار، ولا يستلم العامل قسيمة بـ 12 ساعة عمل بل بـ 4 ساعات بين الملاك والرأسمالي. إن قسائم العمل التي قام بها رودبرتوس هي قسائم عمل كاذبة. ونقول أيضا أنه لا يمكن أن نتصور أن طبقة عاملة تعمل 12 ساعة حتى تستلم قسيمة 4 ساعات عمل. إن هذا يعد سرقة فاضحة من قبل الملاك والرأسمالي. إن كل قسيمة تعطى لعامل تكون دعاء للثورة وتقع تحت عقاب المادة 110 من قانون العقوبات الإمبراطوري الألماني يجب أن لا نرى أن أحدا يمثل البروليتاريا إلا العامل اليومي البروليتاري، هذا العامل الذي لا يزال في حالة نصف عبودية، ولا يزال يجلد، ولا يزال الملاك يملك ويحتضن فتيات القرية الجميلات ليجعلهن من حريمه، وهذا يكفي لأن يكون إهانة كبرى للعامل. إن المحافظين عندنا هم أكبر ثوريين.

إذا قبلنا عمالنا – وهم في قبولهم يتواضعون ويتلطفون – أن ينالوا حصتهم أي نتيجة أربع ساعات من أصل 12 ساعة عمل، يجب أن يُضمن لهم أن حصتهم هذه لن تنزل عن هذا المعدل أي الثلث. ولكن هذا الزعم حيلة ولا تستحق الذكر. وعند وصولنا لهذا الحد نجد شيئا جديدا في قصة رودبرتوس الطوباوية فيما يتعلق بقضية تبادل العمل على أساس القسائم: وهذه القصة ليست إلا مجرد ألعوبة صبيانية وحتى أنها لم تبلغ درجة أصدقائه الذين تناولوا هذه الفكرة، إن كانوا قبله أو بعده.

عندما ظهر كتاب رودبرتوس Zur Erkumtsis اعتبر هذا الكتاب مهما لأن اعتناقه وشرحه لنظرية ريكاردو في القيمة كانا برهانا على بداية حسنة، وحتى لو كان الاعتقاد بالنسبة له وبالنسبة لألمانيا أن هذه النظرية كانت جديدة لكننا نرى على كل حال أنه لم يكن أحسن من الكتاب الانجليز الذين عاصروه وسبقوه، ولكن تفكيره كان بداية لو أنه استطاع أن ينهيه بطريقة نقدية جيدة. لكنه قطع على نفسه طريق تطور الفكر وقيمتها في طريق الصالح ولذلك عبر عنها بطريقته الثانية وهي الطوباوية. وهكذا فقد طريقته الأولى في النقد ولم يحرر نفسه من الاعتماد على تفكير غيره. لقد عمل واشتغل ليحقق هدفا خاصا وهكذا أصبح رجلا اقتصاديا يتبع ميلا محددا Tendenzökonom.

وعندما وقع رودبرتوس في حبال الطوباوية قطع عن فكره الطريقة العلمية. لقد عاش في حلقة مفرغة من سنة 1842 حتى مماته، إذا كان يعيد نفس الأفكار التي كان قد عبر عنها أو أظهرها في كتابه الأول، وكان يشعر أنه غير مرغوب بتفكيره، وأخيرا ظل يرفض أنه لم يكتشف شيئا جديدا لأن كل ما قاله كان قد قيل وكل ما اكتشفه كان قد اكتشف سابقا.

*****

تختلف هذه الترجمة الانكليزية في أمكنة قليلة عن الترجمة الفرنسية الأصلية. وماركس هو الذي كتب هذه التغييرات بيده، وتظهر هذه التغييرات في الطبعة الفرنسية التي تحضر الآن.

ومن الضروري أن أقول أن التعابير اللغوية المستعملة في هذا الكتاب لا تطابق تماما التعابير المستعملة في كتاب رأس المال ويبحث هذا الكتاب في العمل كسلسة، ويبحث في بيع وشراء العمل، عوضا عن مقدرة العمل.

لقد أضيف لهذه الطبعة:

1– مقطع من مقاطع كتاب ماركس « نقد الاقتصاد السياسي » الذي طبع في برلين سنة 1859 ويبحث هذا المقطع في طوباوية جان جراي في مسألة تبادل العمل النقدي أي القسائم.

2– ترجمة الخطاب الذي ألقاه ماركس في بروكسل سنة 1848 عن التجارة الحرة، ويعود هذا الخطاب لنفس الزمن الذي كان فيه ماركس يحضر كتابه « بؤس الفلسفة ».

فريديريك انجلز
لندن، أوكتوبر 23، 1884
 


(1) هكذا كانت الحالة حتى الوقت الحاضر. ومنذ أن بدأت انكلترا تحتكر السوق العالمي نرى أن احتكارها أخذ ينهار يوما بعد يوم لأن فرنسا وألمانيا وخاصة الولايات المتحدة أخذت تقتسم معها هذه السوق في التجارة الدولية. وهكذا يبدو تبادل جديد. إن فترة الازدهار قبل وقوع الأزمة لم يحدث بعد. وإذا لم تقع هذه الأزمة فإن الركود الاقتصادي المزمن سيصبح حقيقة، وسيمتاز هذا الركود بذبذبات دائمة (الملاحظة لانجلز).