موسكو و مصير الصين
‏( من مقابلة مع إدغار سنو )‏


المصدر: ‏‏ ‏ من مقابلة لماو تسي تونغ مع إدغار سنو في 23 تموز 1936 ، في مخطوطة غير منشورة لإدغار سنو.‏
المصدر : ‏ ماركسية ماو تسي تونغ / نصوص غير متداولة‏، ‏ إعداد جورج طرابيشي‏، دار الطليعة، بيروت، صفحة ‏‏191- 193 ‏ ‏
نسخ
: الرفيق باشق، يوليو 2008


‏‏ سؤال: إذا ما انتصرت الثورة الصينية ، فهل ستنظم العلاقات الاقتصادية و السياسية بين الصين ‏السوفيتية وروسيا السوفيتية ضمن إطار الأممية الثالثة ، أو ضمن إطار منظمة مماثلة ، أم أنه سيتم ‏على الأرجح اندماج فعلي بين الحكومتين؟ وهل ستكون للحكومة السوفيتية الصينية علاقات مع ‏موسكو مماثلة لعلاقات الحكومة الراهنة لمونغوليا الخارجية؟

جواب: أفترض إن هذا السؤال سؤال تخميني محض. فكما قلت لك سابقا ، إن الجيش الأحمر لا ‏يسعى الآن إلى السيطرة على السلطة ، بل يسعى إلى صين موحدة ضد الامبريالية اليابانية.‏

‏ إن الأممية الثالثة منظمة تضع فيها طليعة البروليتاريا العالمية تجربتها الجماعية المشتركة من ‏أجل صالح جميع الشعوب الثورية عبر العالم. أنها ليست في حال من الأحوال جهازا إداريا ، ولا ‏تملك البتة من سلطة سياسية تتجاوز وظيفة إسداء النصح. أما من حيث البنية فإنها لا تختلف كثيرا ‏عن الأممية الثانية ، بالرغم من إن مضمونها مختلف جدا. ولكن ليس هناك من يقول إن الأممية ‏الثانية تسود سيادة دكتاتورية في قطر من الأقطار عندما يؤلف فيه الوزارة اشتراكيون – ‏ديمقراطيون. كذلك من السخف القول بأن الأممية الثالثة تسود سيادة دكتاتورية في البلدان التي فيها ‏أحزاب شيوعية.‏

‏ إن الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي حزب حاكم ، ومع ذلك فان الأممية الثالثة لا تحكم حتى ‏هناك ولا تملك أي سلطة سياسية مباشرة على الشعب. ومن الممكن القول بالصورة نفسها انه إذا ‏كان الحزب الشيوعي الصيني ينتمي إلى الكومنترن فهذا لا يعني البتة إن الصين السوفيتية تحكم ‏من قبل موسكو أو الكومنترن. وإننا بكل تأكيد لا نناضل من أجل تحرير الصين حتى نسلّم البلاد ‏إلى موسكو!‏

‏ إن الحزب الشيوعي الصيني ليس إلا واحد من الأحزاب في الصين. ولسوف يتكلم يوم انتصاره ‏باسم مجمل الأمة. انه لن يستطيع البتة أن يتكلم باسم الشعب الروسي ، ولا أن يحكم لحساب ‏الأممية الثالثة ، وإنما فقط من أجل مصلحة الجماهير الصينية. وإنما حيث تلتقي مصلحة الجماهير ‏الصينية مع مصلحة الجماهير الروسية ، يمكن القول بأنه ((ينصاع لإرادة موسكو)) . ولكن من ‏البديهي إن هذه القاعدة من المصالح المشتركة ستتوسع توسعا مرموقا بمجرد أن توطد الصين ‏سلطتها الديمقراطية وتتحرر اجتماعيا واقتصاديا ، شأن أشقائها في روسيا.‏

‏ وعندما تتأسس حكومات سوفيتية في عدد من الأقطار ، فمن الممكن أن تنطرح آنذاك مشكلة اتحاد ‏أممي للسوفييتات ، وانه لما يثير الاهتمام أن نرى كيف سيتم حل تلك المشكلة. بيد أنني لا أستطيع ‏اليوم اقتراح الصيغة : فهذه مشكلة لم تحل مسبقا. وفي عالمنا المعاصر، الذي تتوطد فيه أكثر ‏فأكثر الصلات الوثيقة بين شتى الدول ومختلف الشعوب ، يبدو إن مثل ذلك الاتحاد أمر مرغوب ‏فيه للغاية إذا ما قام على أساس من الاختيار الحر.‏

‏ بيد انه من الجلي الواضح إن النقطة الأخيرة هذه بالغة الأهمية. فمثل ذلك الاتحاد العالمي لا يمكن ‏أن ينجح إلا إذا كان لكل أمة الحق في أن تنتمي إليه أو في أن تنسحب منه طبقا لإرادة شعبها ‏وسيادته التي لا يمكن أن تمس ، لا طبقا ، وبأي صورة من الصور ، ل ((أوامر)) موسكو. إن ما ‏من شيوعي قد فكر قط غير هذا التفكير ، وأسطورة ((سيطرة موسكو العالمية)) هي من اختراع ‏الفاشيين ومناهضي الثورة.‏

‏ إن العلاقات بين مونغوليا الخارجية و الاتحاد السوفياتي كانت على الدوام ، الآن وفي الماضي ، ‏قائمة على مبدأ المساواة الكاملة. ويوم تنتصر الثورة الشعبية في الصين ، ستصبح جمهورية ‏مونغوليا الخارجية بشكل آلي جزءا من الاتحاد الصيني ، طبقا لإرادتها. ولسوف يشكل الشعبان ‏المسلم و التبتي أيضا جمهوريات مستقلة ذاتيا ومرتبطة بالاتحاد الصيني ...‏