الطبيعة والتاريخ


كتبه: كارل ماركس
سنة: 1846
مقتطع من كتاب: الايديولوجيا الألمانيّة / القسم الأول: المثالية و المادية
عنوان النص الأصلي: الفرضية الأولى للطريقة المادية (الفقرات الأولى)


إن وجود الكائنات البشرية هو بالطبع شرط أولي لكل تاريخ إنساني و الواقعة الأولى التي تجدر ملاحظتها هي إذن التعقد البدني لهذه الكائنات و العلاقات التي تنشئها مع المجالات الأخرى للطبيعة... ولا يتعلق الأمر بما تهيأ في الطبيعة من عوامل مناخية وجيولوجية... وبالهيكلة الجسدية للإنسان. فكل تاريخ ينطلق من هذه الأسس الطبيعية ومن تغييرها بعمل البشر عبر التاريخ.

بإمكاننا تمييز البشر عن الحيوانات بالوعي أو الدين أو بكل ما نشاء. غير أن المسألة تتمثل في أن البشر يشرعون في التميّز عن الحيوانات بمجرد البدء في إنتاج ظروف عيشهم، وهذه الانطلاقة هي النتيجة نفسها لتركيبهم العضوي. وبإنتاجهم لظروف عيشهم يحققون بصورة غير مباشرة حياتهم المادية ذاتها.

إن الطريقة التي ينتج بها الناس وسائل عيشهم ترتبط أساسا بطبيعة هذه الوسائل المذكورة والتي ينبغي إعادة إنتاجها. ولا يجب النظر إلى هذا النمط من الإنتاج من هذه الوجهة فحسب، أي باعتباره إعادة إنتاج الوجود الطبيعي (الفيزيائي) للأفراد. إنما يتعلق الأمر في الحقيقة بنمط محدد من النشاط المميز لهؤلاء الأفراد وبطريقة محددة لتجسيم حياتهم ونمط معين من العيش. إن الطريقة التي يجسم بها الأفراد حياتهم تعكس بالضبط ما هم عليه. وهذه الحالة تطابق عملية إنتاجهم، سواء فيما ينتجون أو في الطريقة التي بها ينتجون. فما يكون عليه الأفراد مرتبط إذن بالظروف المادية لإنتاجهم.