حزب الحركية


اسم المقال كاملا: "وجهة نظر: وزير الاقتصاد والمالية (الفرنسي) يحلل ما يجب أن يكون عليه اليوم طموح اليسار. حزب الحركية"
بقلم: دومينيك ستراوس-كاهن .
المصدر: ألتيرناتيف إيكونوميك، عدد سبتمبر 1998
ترجمة
: عبد الكريم شوطا (أكتوبر 2005)


منذ ما يزيد على العام بقليل أعادت حكومة ليونيل جوسبان تنشيط النمو ونقصت من العجز العمومي؛ أطلقت سيرورة تشغيل الشباب وفتحت رأسمال عدد مهم من المقاولات العمومية؛ أطلقت سيرورة الإنقاص من مدة الشغل وصنعت الأورو؛ حولت الأجور وحدها على مستوى مجموع المداخيل جزءا من تكاليف الحماية الاجتماعية وتستعد لإلغاء جزء من الضريبة المهنية التي تسددها المقاولات؛ أعلنت أنها ستلغي الضرائب على بطائق الهوية وبأنها ستخفض تلك المتعلقة بالمعاملات العقارية.

كثيرون هم المعلقون والشراح الذين قرأوا في هذه القرارات ترددا وتأرجحا مهموما بالحفاظ على التوازن السياسي للأغلبية وتعويض الإجراءات التي تروق للنقابات بإجراءات أخرى موجهة نحو المقاولات: أي علامة على حكومة حاذقة، لكنها أكثر انشغالا بتحديد الجرعات أكثر من انشغالها بالديناميكية، ستكون مكرسة لأن تستعير تارة جاذبية إجراءات وتدابير "اليسار"، وتستعير تارة أخرى مصنع التدابير والقرارات "الواقعية".

شبكة التحليل هاته تسهل العمل على المعلقين والشراح؛ شبكة يكفي بصددها تصنيف قراراتنا في هذا الصنف أو ذاك والقيام بعملية عد النقط. لكنها شبكة مغلوطة؛ إنها تعيرنا بشكل مغلوط سلوك الصيادلة، وهي تقوي قراءة متساهلة وفق إرادتها يجعل هؤلاء المعلقون في حال تعارض سياسة يسارية وسياسة واقعية. وفي الحقيقة فإن سياستنا واحدة؛ إنها واقعية ويسارية في نفس الآن، وإذا تجرأت سأكتب قائلا بأنها تشكل كتلة واحدة كما قال كليمنسو عن الثورة، لكننا لكي نقتنع بها يجب أن نتخلى عن المعالم المألوفة، يجب أن نعيد الانطلاق مما يشكل هوية اليسار، من الواقع الذي تواجهه والعوائق التي يجب الاحتكاك بها ومواجهتها.



 

اليسار والتحولات

لا يتحدد اليسار بمرجعية نمو المصاريف العمومية وبحجم التقنين أو بمدى توسع قطاع الدولة. إنه يتحدد بمدى ارتباطه وتعلقه بالمنتجين أحرى من تعلقه بأصحاب النشاط الريعي، بفعل إرادته لتنظيم النشاط الاقتصادي وطموحه لتحقيق العدالة الاجتماعية والطموح الذي هو لديه لتوسيع حقل تطبيقات النهج الديموقراطي.

إنتاج – تنظيم – تضامن – ديموقراطية: لا شيء في هذه القيم مما يقيدنا بهذه الصيغة أو تلك من صيغ تنظيم الدولة، لا شيء مما يسمح لنا بفصل توزيع المداخيل عن الإنتاج الذي يخلقها، لا شيء أيضا يعوقنا عن مجابهة التحولات. بيد أن هذه التحولات تتطلب منا ردود أفعال سريعة: ففي مدى جيل أو جيلين تستطيع مجموع التجديدات التقنية أن تحرم دوام مونوبول عمومي من أي أساس اقتصادي كان إلى الأمس مع ذلك مبررا بشكل تام؛ الارتفاع الصاروخي لمعدلات الفائدة الحقيقية يمكن أن يحكم بالموت على سياسات الاقتراض التراكمي لدى لدولة؛ ويمكن لانقطاع التوازن الديموغرافي أن يتطلب إعادة فحص مسألة التضامن في ما بين الأجيال؛ والعولمة المالية يمكن أن تدعونا للاعتناء بإنجاز تقدم حاسم في الاندماج الأوربي. إن الفكرة العامة واضحة: فلا يمكن لليسار وهو بارد مقشعر أو في موقف دفاعي أن يهيئ المستقبل ويكون وفيا للقيم التي يدافع عنها، بل باستباقه، على العكس من ذلك، للتحولات وبقيادته للتغيرات والتحولات التي يدعو إليها وينادي بها.

ومع ذلك يطرح سؤالان: الأول يتمثل في معرفة ما إذا كان اليسار يستطيع أن يلعب ويفوز – بدون أن يفقد روحه – أمام لعبة التكيف التي لا تعرف التوقف. السؤال الثاني يتمثل في معرفة ما إذا بإمكانه أن يمنح الفرنسيين ما يخافون فقدانه وهو الأمن الاقتصادي أو الاجتماعي. إنني أحب أن أجيب عن هذين السؤالين.

منذ عشرين سنة بالولايات المتحدة وأوربا جعل اليمين الليبرالي من موضوعة "الثورة المحافظة" موضوعته، وحاول من هناك امتلاك الحداثة. إن تلك خدعة سياسية؛ وذلك لأن راديكالية الخطاب هي غالبا ما يسبق نزعة الشلل، عندما لا تشكل ما يسبق التحالفات المخجلة، لكنها أيضا خدعة ثقافية وفكرية؛ وذلك لأن الأصولية الليبرالية لا تحمل أي جواب عن المشاكل المشخصة التي تجلبها اليوم اقتصادات السوق: سقفية النمو، احترام البيئة، تعميم التغطية الصحية. منذ زمن طويل لم يعد يهمنا التذكير الدوغماطيقي بتفوق السوق، بل لم يعد سؤالا حتى؛ إن السؤال يتمثل في معرفة ما إذا كان اليسار يستطيع توفير الحلول مع بقائه يسارا. وجوابي هو أنه يستطيع ذلك، بل إنه مطالب به ويجب عليه فعله.

بفعل أي انعطاف سيتوقف اليسار عن أن يكون حزب الحركية ؟ منذ قرنين لم يحدث أبدا في مجموع أوربا أن انكفأ اليسار على ذاته راميا إلى الحفاظ على مكتسباته. إن تغيير المجتمع كانت هي مهمته ودوره. بيد أن مجتمعنا هو في حاجة للتغيير أكثر من أي وقت مضى، ونحن نريد اليوم أن لا يظل اليسار مجرد معدد لإنجازاته السابقة !

لا أحد يستطيع، ذون أن ينفجر ضاحكا، الاعتماد على السوق من أجل تكييفنا في إطار العدل مع عالم يتحرك. وهنا أيضا فإن الجواب بالنسبة لي واضح: فبالتموقع وحده على رأس التحولات الضرورية سيكون اليسار في مستوى مهامه؛ إنه بتنميطه هو ذاته للتحولات الجارية سيظل وفيا لقيمه.

 

ضرورة عقد اجتماعي من أجل إحداث التغيير

إلا أن هذه التحولات تنطوي على مخاطر متعددة، ونحن لا نستطيع أن نطالب مواطنينا بالتعرض لهذه المخاطر من دون أن نؤمن لهم نوعا من الضمان، وأنا اعتقد أن عاملَ مقاومةٍ قويٍّ للتحولات هو لا يقين بشأن الكلفة والمنافع التي يستلزمها. إن ذلك يحيل مجتمعنا أكثر تعطشا للتغيير مما هو إياه في الحقيقة والواقع، إنه العائق الآخر: ويتمثل في السؤال التالي: كيف يمكننا أن نجعل مسار التغير عنصرا مركزيا لتحالفنا الاجتماعي ؟ بخصوص هذا السؤال أقترح ثلاثة أجوبة.

أولاها يتمثل في تشييد الثقة في المستقبل. إن مجتمعا حيا ليس مجتمعا بدون صراعات وإنما هو مجتمع تتجابه في إطاره استراتيجيات مطامح الأفراد والجماعات. وعلى العكس، فإن مجتمعا لا يتوصل إلى رسم ظلاله في المستقبل يغرق بالضرورة في ثقافة وضعية السكون، وهذا هو السبب الذي من أجله يعتبر ذا أهمية قصوى أن نحاول إحداث التنمية، وأن يتم تصحيح ثقة الأسر، هذه الثقة التي بفعل كأس العالم، كعامل مساعد، بلغت في يوليو أعلى مستوى تاريخي لها. هذا هو السبب أيضا في أنه مما يعتبر حاسما أن نعرف كيف نجعل من هذه التنمية تنمية دائمة.

لكن هذا غير كاف بطبيعة الحال. إن الشرط الثاني يتمثل في أن نكون أوفياء للنهج الديمقراطي؛ فخلافا لما يعتقده مريدو حكومة التقنوقراطيين فإن التداول ليس مضيعة للوقت والجهد؛ فالمناظرة هي شرط إنجاز تشخيص متفق حوله وشرط مشروع يدرك كل واحد مغزاه لأنه تم إشراكه في بنائه. وهذا هو السبب في أننا، بالرغم من الصعوبات التي جابهت هذا النهج الديمقراطي في فرنسا، استخدمناه بانتظام تعلق الأمر بعمليات الخوصصة، بالضريبة أو بمستقبل التراجعات.

الشرط الثالث أخيرا هو التضامن مع أولئك الذين تهدد التحولات استقرارهم؛ ولا يتعلق الأمر بكلفة يجب تحملها لجعل الناس يتقبلون التغيير وإنما بمكون جوهري من مكونات ما يشكل لحمة المجتمع ويفسر كيف أنه (التضامن) لا يقبل الاختزال إلى مبلغ من المقادير الفردية. كما لا يتعلق الأمر أيضا بتضامن منفعل يقف عند حدود تضميد جراحات الجرحى والتأسف على الموتى وإنما يتعلق بتضامن نشيط يستهدف تحويل المنافع الكلية للإصلاح إلى مكاسب افتراضية لكل فرد من أفراد المجتمع.

ثقة في المستقبل – نهج ديمقراطي – تضامن نشيط: تلك هي مكونات عقد التغيير الثلاث التي يريد اليسار أن يقدمها للمجتمع الفرنسي.

 

مجالات تطبيق ثلاثة

تستهدف السياسة الاقتصادية لليسار إنجاح تنمية جديدة، أكثر ديمومة، أكثر تجديدية وأكثر تضامنا. أريد الآن أن أبين بم سيسهم مسعانا في هذه التنمية في ثلاثة ميادين دالة هي: العلاقات الدولية – التشغيل – الضريبة.

المالية الدولية والأورو: يجب أن نتحدث عن ذلك لأننا نرى كل يوم – اليوم أيضا بروسيا – بأي ثقل يضغط التحرير النقدي والمالي. إن هذا الموضوع لم يعد موضوعا من موضوعات الندوات، بل أضحى مسألة مركزية بالنسبة للنمو والتطور: فعملة جيدة لا تصنع النمو، إلا أن عملة سيئة يمكن أن تقتله.

لقد أبانت التجربة أن النمو الداخلي كان غواية وخدعة، وأن البلدان النامية استفادت من الانفتاح الاقتصادي والمالي. إلا أن ذلك لا يستتبعه أنه من الضروري اللجوء نه من الضروري اللجوء إلى اللعب الحر للأسواق؛ فالانفتاح هو أيضا مصدر للقلاقل لأن للأسواق ردود فعل فجائية: إنها تغذي في يوم من الأيام توسعا للقروض بدون فرامل، وتغذي في الغد أزمة في المدفوعات. إن الأسواق لا يمكن أن تشتغل بدون قواعد، بدون مؤسسات للضبط، بدون تعاون في ما بين الحكومات.

إن رهان المناقشات الحالية يتمثل إذن في إبداع صيغ ضبط جديدة لاقتصاد معولم، ولقد ساندت هذا الموقف بنشاط وقدمت باسم فرنسا مجموعة من الاقتراحات؛ وذلك لأن ذلك مهم بالنسبة للتنمية، ولأنه من الوهم أن تحرص الدول الغنية على الازدهار وسط حقل من الأطلال، ولأن خطورة الأزمة الآسيوية أيضا توفر فرصة لنا لكي نئد في المهد مسوخ الليبرالية التي تحولت إلى عقيدة لمدة طويلة من الزمن. إنني أعول كثيرا على أن تعرف أوربا كيف تتكلم بصوت واحد وتساهم في الاستقرار النقدي العالمي: إذ يتوجب علينا، من الآن إلى حدود فاتح يناير المقبل، وبالنتيجة، تنظيم التمثيل الخارجي لمنطقة الأورو.

التشغيل: إن سياستنا التشغيلية حققت أولى نجاحاتها، لكن الطريق لا زالت أمامنا طويلة. في بداية سنة 1997 أكدنا محقين أن البطالة الفرنسية تحيل أولا على عدم كفاية الطلب، ومن هناك التركيز الذي تم على التنمية، وذلك لأن التعويل على الدورة وحدها كانت ستكون مراهنة عشوائية على مناصب تشغيل الشباب والإنقاص من مدة الشغل.

إلا أننا لا نستطيع تجاهل مسألة أن البطالة ليست عائدة لعدم كفاية النمو، فهي عائدة في جانب من جوانبها إلى تحولات في بنية اقتصادنا وسوق الشغل لدينا اللذين أقصيا من عالم الشغل جزءا هاما من الساكنة. وهذا هو السبب في أنه يتوجب على سياسة التشغيل أن تؤدي دورها على قاعدة رافعتين اثنتين: من جهة، إعادة تنشيط ديناميكية صارمة لخلق مناصب الشغل، ومن جهة أخرى، تمكين الجميع ( شبابا – عاطلين لمدة طويلة – أشخاصا ضعيفي التأهيل – مقصيين ) من وسائل الوصول إلى مناصب شغل قارة.

إن اختلافنا مع الليبراليين لا يتمثل إذن في أننا نعتقد نحن في الإنقاص من مدة الشغل وهم يعتقدون في تخفيض كلفة الشغل؛ إن اختلافنا عنهم يقوم في كوننا لا نريد أن نحرم أنفسنا من أي منهما وأنه ليست هناك من وجهة نظرنا، ومن أجل تنشيط حوار اجتماعي معطل – سبيل يمكن التخلي عنها – بما فيها سبيل القانون –، خصوصا عندما يغلق الفرقاء الاجتماعيون غالبا – بفعل الخطابة أو بفعل خوف بعضهم من البعض الآخر – طريق الوعد الممكنة في نفس الآن من التشغيل والتنافسية، وأننا لا نجد أن القدرة الشرائية لدى الأجراء في فرنسا قوية جدا؛ ابتداء من الحاصلين على السميك – وإنما نعتقد أنه يجب تمويل التخفيض من كلفة الشغل الأقل تأهيلا عن طريق التضامن، وإذن، عن طريق التخفيض من الاقتطاعات. هذا هو السبب في أن التضامن لا يتمثل في ترك النظام الصحي يصرف أموالا بالزائد دائما إلى جانب فعالية صحية قابلة للجدل من أجل نقل جزء ضئيل من الثقل لوضعه على كاهل الاكتتابات الاجتماعية، وإذن، على كاهل التشغيل. إن التضامن، على العكس من ذلك، يتمثل في مطالبة المنتجين بالعلاجات، وبأن يتحكموا في الكلفة بدل أن يستحوذوا على ثمار النمو لصالحهم وحدهم، وبأن يعيدوا تأهيل منافع وأرباح هذا التحكم لصالح التشغيل.

الضريبة: لقد انتهى الزمن الذي كانت تتحدد فيه هوية اليسار من خلال التمديد المستمر للمجال العمومي؛ في ذلك العالم حيث استطاع في إطاره إقرار الضريبة بدون بصيرة أيضا – إذا ما كان موجودا في يوم من الأيام. إن اندماج الاقتصاديات الذي يصاحب بتعبئة قصوى للرجال والرساميل يخلق لدينا إكراهات عديدة. إننا نستطيع صدها – عن طريق التناغم الضريبي بأوربا – إلا أننا لا نستطيع تجاهلها وإنكارها. نحن مطالبين إذن بالتحكم في المصاريف لكي نوفر لنا هوامش للفعل لخدمة أهدافنا والوفاء بالالتزام المأخوذ من قبل ليونيل جوسبان منذ تصريحه السياسي العام والمتمثل في استخدام ثمار النمو من أجل إنقاص الاقتطاعات الإجبارية.

ولأن هذه التأثيرات يتم الإحساس بها على المدى المتوسط، فإن سياسة ضريبية لا يمكن الحكم عليها خلال سنة واحدة، وإنما على مستوى فترة تشريعية كاملة. إن طموحي وطموح السيد كريستيان سوتي يتمثل في أن نتمكن في نهاية هذه الأخيرة من إعادة توجيه الضريبة بإجراء عديد من عمليات إعادة التوازن.

إعادة للتوازن أولا في ميدان الاقتطاعات المفروضة على المقاولات لصالح التشغيل والتجديد. في سنة 1997، ومن أجل الوفاء بالتزاماتنا الأوربية كان علينا أن نزيد في مقادير الاقتطاعات المفروضة على المقاولات. وفي سنة 1998 شرعنا في تخفيضها، لكن بإصلاح ضريبة زجرية – الضريبة المهنية – وبإحالتها أكثر خدمة للتشغيل. وأتوسم في نهاية الفترة التشريعية أن تعود اقتطاعاتنا المفروضة على المقاولات إلى مستواها السابق لسنة 1997، لكن بعد أن تكون بنيتها قد عرفت تحويرا عميقا في اتجاه يخدم التنمية والتشغيل وخلق مقاولات تتسم بالقدرة على التجديد.

ثم إعادة توازن مزدوجة للاقتطاعات المفروضة على الأسر هي بخلاف السابقة لن تنجز باقتطاع ثابت وإنما ستصاحب بتخفيض كلي للضريبة: من جهة في ما بين فرض رسم على الرأسمال وعوائد الشغل، ما فعلناه في سنة 1998 مع ارتفاع بمقدار 40% من الضريبة على عوائد الرأسمال. ومن جهة أخرى، بفعل إعادة توزيع لصالح الأسر الأكثر تواضعا عبر التخفيف من بعض الضرائب غير المباشرة والإصلاح، وأخيرا من ضريبة السكنى وهكذا تستهدف هذه الإجراءات الدائمة تدعيم النمو وإحالته أكثر غنى بفرص الشغل وتحسين توزيع المداخيل.

إن التقنينات الجديدة التي ستنظم عالم الغد لم تنفذ بعد، وعدد من بينها لم يتم بعد حتى إدراكها واستيعابها، ومع ذلك، فمن ذا الذي لم ير أن الحركة الليبرالية الكبرى التي انطلقت في نهاية السبعينيات بكاليفورنيا قبل أن تُغرق مجموع البسيطة هي حركة تقترب من نهايتها ؟ في كل مكان، في مجال المالية العالمية كما في مجال البيئة، في مجال الصحة كما في مجال البحوث، نجد الشعوب متعطشة لتنظيمات جديدة لا تحد من الحريات الفردية وقدراتها على الخلق والإبداع، وإنما تجعلها متسقة ومنسجمة مع طموحاتنا الجماعية.