تـنـبـيـه

يضم هذا الكتاب كل البيانات، والموضوعات، والقرارات التي تبنتها المؤتمرات الأربع الأولى للأممية الشيوعية، بين عامي 1919-1923.

وإزاء ضخامة كمية الوقائع والأحداث التي ترجع إليها هذه النصوص، كان لابد من إرفاقها بوفرة من الهوامش. ذلك أنه بالنسبة للأجيال الشابة، لا تزال المهمة التي اضطلعت بها الأممية الشيوعية أيام لينين وبالمشاركة النشيطة من جانب تروتسكي، مجهولة كليا حتى أيامنا هذه.

وإذا لم تكن للاشتراكية الديموقراطية يوما أية مصلحة في إبراز هذه النصوص، فهذا أمر يسهل فهمه: ففيها نتعرف إلى طريقة إنزال الهزيمة بالإصلاحية، وتنظيم الانتفاضة البروليتارية مع الجماهير الكادحة الغفيرة.

أما الصمت المحتفظ به داخل صفوف الأممية الشيوعية، فله تفسير آخر: ذلك أن كل تجربة الأممية الشيوعية بين عامي 1919 و1923 تتناقض كليا مع المسار السياسي الذي اتبعته منذ عام 1924، والذي انطبع بالإخفاق في ألمانيا عام 1923، وفي بلغاريا واستونيا عام 1924، وبالدعم الممنوح للإصلاحية الإنكليزية عام 1926. وبسحق الثورة الصينية الكبرى عامي 1926-1927، وبالعجز في الثورة الإسبانية، وبالاستسلام أمام الفاشية الألمانية في عامي 1932-1933.

إلاّ أننا اضطررنا للاستغناء عن الهوامش، لأنه كان مستحيلا بالنسبة إلينا أن نضخم هكذا مصنفا كهذا يتصف هو ذاته بالضخامة، لا بل اضطررنا حتى للتخلي عن فكرة مقدمة عامة، وهو أمر كان مع ذلك ضروريا.

لكننا، نحن المنتمين إلى العصبة الشيوعية الأممية (المعارضة اليسارية القديمة)، نعتبر أن التجربة الهائلة للحركات الثورية أثناء الحرب وبعدها، كما لخصتها الأممية الشيوعية بين عامي 1919 و1923، وحللتها، وبلورتها، وجعلتها واعية، تشكل المكسب الأساسي للماركسية المعاصرة.

لهذا أعدنا اليوم نشر هذه الوثائق، كأساس للماركسية-اللينينية المعاصرة.

تقدم البيانات (وبخاصة بيان المؤتمر الثاني)، والقرارات العامة، لوحة دقيقة كفاية عن الوضع السياسي والاقتصادي.

إن عددا من الموضوعات (حول المسألة القومية والمسألة الزراعية، والديموقراطية البرجوازية والديموقراطية البروليتارية)، التي بلورها المؤتمر الأول والثاني، لا تزال القاعدة الأساسية للماركسية. في الحقبة الراهنة. وتقدم موضوعات أخرى دروسا في الاستراتيجية والتكتيك لا تقدر بثمن.

جرى إيراد النصوص نقلا عن الترجمات التي تمت في فترة صدورها، وهي ترجمات سيئة أحيانا. ولم يكن بوسعنا القيام بمراجعة كاملة، الأمر الذي كان يتطلب جهدا طويلا. والحال أن هدفنا كان وضع الوثائق بين يدي المناضلين في أسرع وقت ممكن. وقد قمنا بترجمة بعض تلك الوثائق، التي لم يتم نشرها سابقا بالفرنسية.

فلنضف أخيرا أن وثائق المؤتمرين الخامس والسادس للأممية (1925 و1928) سهلة المنال. إن ما سيكون على القارئ أن يراجعه حول الفترة التي تلت وفاة لينين عام 1924، إنما هو قبل كل شيء نقد مشروع برنامج الأممية الشيوعية، لليون تروتسكي، حيث تم تفحص كل التجربة التاريخية والنشاط الثوري لسنوات 1923-1924 على ضوء مبادئ المؤتمرات الأربع الأولى.

إننا مقتنعون أن هذا المصنّف سوف يلقى استقبالا جيدا في صفوف الجيل الصاعد، الذي سيجد فيه التوجه الماركسي والدروس الثمينة التي هو بحاجة إليها.

الناشر الفرنسي
1934